مسار العلاقات بين السعودية وسوريا في سطور..

تعد العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسوريا من أكثر العلاقات العربية التي شهدت تقلبات كبيرة على مدار العقود الماضية، حيث مرت بمراحل من التحالف الوثيق والتعاون المشترك، تلتها فترات من التوتر والجفاء السياسي، وصولًا إلى محاولات إعادة التقارب، ويرتبط هذا التذبذب بعوامل سياسية إقليمية ودولية، إضافة إلى تباين الأيديولوجيات والتوجهات بين البلدين في مراحل مختلفة.

بدأت العلاقات الدبلوماسية بعد استقلال سوريا عام 1946، حيث دعمت السعودية استقلال دمشق ورحبت بها في المحافل الدولية، لكن تباينت المواقف بعد الانقلابات العسكرية في سوريا، خاصة بعد وصول حزب البعث إلى السلطة في 1963.

بعد وصول حافظ الأسد إلى الحكم في 1970 تحسنت العلاقات تدريجياً نتيجة تراجع المد اليساري المتطرف في سوريا، خاصة بعد حرب 1973 ضد إسرائيل، لكن برز الخلاف بعد دعم سوريا للثورة الإيرانية 1979، ما أدى إلى تباعدها عن السعودية التي دعمت العراق في حربه ضد إيران (1980-1988).

رغم ذلك، عاد التقارب خلال أزمة احتلال الكويت 1990، حيث دعمت دمشق التحالف الدولي بقيادة السعودية لتحرير الكويت.

كما شهدت بداية عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد تحسنًا ملحوظًا في العلاقات، خاصة بعد زيارات متبادلة بين القيادتين السعودية والسورية، إلا أن اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وما تبعه من توتر بين دمشق والرياض، أدى إلى فتور كبير بين البلدين، لكن حاولت السعودية إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية بين 2008-2010، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.

كانت الثورة السورية عام 2011 نقطة تحول كبرى، حيث دعمت السعودية المعارضة السورية سياسيًا وعسكريًا، فيما تمسكت دمشق ببقاء الأسد في السلطة، وتصاعدت الأزمة مع قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2012، وإغلاق السفارة السعودية في دمشق، إضافة إلى دعم الرياض للعقوبات الدولية ضد النظام السوري، حيث شهدت هذه الفترة استقطابًا إقليميًا، حيث تحالفت السعودية مع المعارضة، بينما دعمت إيران وروسيا النظام السوري.

لكن في إطار تغييرات السياسة الإقليمية، بادرت الرياض عام 2023 إلى إعادة فتح قنوات التواصل مع دمشق، في سياق المصالحة العربية الشاملة، ودعم عودة سوريا إلى الجامعة العربية ومشاركة بشار الأسد في قمة جدة، عكس تحولًا في السياسة السعودية تجاه دمشق.

لكن في 8 ديسمبر 2024 سقط بشار الأسد، وكانت السعودية أبرز داعم للعهد الجديد، حيث استقبلت وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني كما زارها الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في يناير 2025 كأول وجهت خارجية لها، والذي لم يخفي إعجابه بالنموذج السعودي ورؤية 2030، فيما تدعم المملكة كافة الجهود الدولية لرفع العقوبات عن سوريا وإعادة دمجها بالمجتمع الدولي.